بعد عشرة عمر .. ارتضى" ملك الموسيقى " بليغ
حمدى أن يكون النسيان هو صديقه الصدوق الذى لا يفارقه لحظة ، ولكرمه المعروف عنه
مع اصدقائه ، وبمجرد شعوره بنعمة النسيان كتب ولحن واحدة من أروع ما غنت ميادة
الحناوى ، وبادله النسيان نفس المشاعر فأبى أن يتركه إلا بعد أن يمنحه لقب إنسانى
لا يقل عن لقبه الموسيقى وهو " بليغ جيله ".. فعاش مع النسيان رحلة
عمرها 62 عاما حتى نعته جريدة الأهرام يوم 12 سبتمبر 1993 تحت عنوان " مات ملك الموسيقى " فى
العاصمة الفرنسية باريس .
الفنانة الراحلة وردة رغم أنها كانت الحب الأول والأخير
فى حياته إلا أنها عانت من علاقته بالنسيان وذلك بشهادة صديقى المرحوم الشاعر
الغنائى محمد حمزة رفيق رحلة كفاحه وكان من بين المدعوين لحضور حفل زفافهما ، فبعد
أن ارتدى بليغ فى يوم زفافه منها البدلة الإسموكن ذهب إلى مطار القاهرة وسافر إلى
بيروت بينما كان الفرح فى القاهرة !! كما أن حلمه بالتعاون مع كوكب الشرق أم كلثوم
كاد أن ينتهى فى بداياته بسبب النسيان عندما ذهب إلى منزلها بالزمالك لإجراء بروفة
لإحدى الأغنيات ومعه الإعلامى وجدى الحكيم الذى دخل إلى المنزل لينتظره مع أم
كلثوم حتى " يركن " سيارته ولما تأخر خرج الحكيم فلم يجده و حاولا
الإتصال به فى كل مكان بالقاهرة ولكنهما لم يعثرا عليه فعلمت بعد ذلك أنه سافرإلى
لبنان !! وكان الفنان محمد فوزى هوالسبب فى التعارف بينهما عندما دعاه لحضور سهرة
فنية بمنزل أحد الأطباء العاشقين لفنها وهو زكى سويدان وهناك قدمه فوزى للست وقال
لها " هسمعك الليلة ملحن هيكون له شأن كبير فى عالم الطرب " فأمسك بليغ
بالعود وجلس كعادته على الأرض وأخد يعزف لحن " حب إيه " فجلست أم كلثوم
إلى جواره وسط زهول الحاضرين !! ورغم قناعة بليغ حمدى بنعمة النسيان إلا انه كان
نقمة عليه وسبب مأساته عندما نسى فى الليلة المشئومة أن لديه أصدقاء فى منزله وذهب
لينام حتى يفاجأ بعد ذلك بانتحارالمغربية سميرة مليان التى القت بنفسها من الشباك
وأتهم هو فى قتلها واضطر للسفر والتنقل فى رحلة شقاء بين لندن وفرنسا وبعض الدول
الأوربية لمدة خمس سنوات حتى برأته محكمة النقض !
نسيان بليغ حمدى كان حالة يتندر بها الأصدقاء فى جلسات
السمر والأنس حتى بعد رحيله إلى جانب " شطحاته الجنونية " التى تعبر عن
فنان حقيقى لا يعبأ بالأفكار التقليدية ، البعض من أصدقائه الطيبين فسروا كثرة
نسيانه بأنه كان دائم التفكير فى فنه ويعيش حتى الثمالة فى عالمه الخاص ، والبعض
الآخر من الماكرين كانوا يرون أن الحب " طير أبراج عقله منه " غير أن
الكل كانوا يتسامحون مع تركيبته الإنسانية ويرضون بالأمر الواقع ويغفرون له خطايا نعمة
النسيان !
No comments:
Post a Comment